
جاء في مقابلة لصحيفة الشعب مع وزير الاقتصاد والمالية السيد المختار ولد اجاي وفي رده على سؤال حول وضعية الجفاف التي تضرب موريتانيا .
الشعب: تواجه موريتانيا السنة الحالية تداعيات النقص الحاد في الأمطار فهل هنالك برنامج مماثل تم اعتماده لمواجهة ظروف مشابهة هو برنامج أمل؟
الوزير: لا اعتقد أن الصورة بهذه السوداوية بالنسبة للنقص التساقطات المطرية لهذه السنة، والتي هي في حقيقتها تفاوت في مستوى هذه التساقطات على مختلف المناطق، حيث أنه بالفعل تم تسجيل نقص حاد في بعض المناطق، بينما سجلت مناطق أخرى مستوى تساقطات أفضل من السنة الماضية، ومع ذلك فإنه بعد ملاحظة هذا النقص المسجل اصدر فخامة رئيس الجمهورية باكرا، في اطار اهتمامه ومواكبته لأوضاع المواطنين، تعليماته للحكومة، خصوصا القطاعات المعنية بإجراء تقييم للحاجة والأثر المترتب على هذا النقص، وقد تم هذا التقييم وأعطيت لوزارة الاقتصاد والمالية التوجيهات من طرف فخامة رئيس الجمهورية باقتراح مبلغ كافي في مشروع ميزانية هذه السنة، حتى لا تحدث أي اختلالات في المرحلة القادمة، وعلى هذا الأساس تم رصد مبلغ 41 مليار لبرامج التدخل السريع لسنة 2018 ، بزيادة 10 مليارات عن السنة الماضية، من بينها 16 مليار لمتابعة برنامج أمل الذي انطلق منذ 2011 ، كما سيتم رصد 10 مليارات للاحتياجات في مجال أعلاف الحيوان وما يتعلق بها، كما سيرصد مبلغ 15 مليار للبرامج المصاحبة، مثل حفر الآبار في مناطق المراعي لتمكين المنمين من الاستفادة من هذه المناطق، وستواصل سياسة استصلاحات الزراعة المروية للتخفيف من حدة المشكلة، وكذلك ترسيخ مشروع تجربة زراعة الأعلاف " الفصة" التي انطلق مشروع كبير لها في انبيكة لحواش، ومحاولة تعميم التجربة حتى لا نبقى مرتبطين بالتساقطات المطرية وخلق آلية جديدة مرنة تساهم في حل مشكلة نقص تقلب التساقطات.
الشعب: من المعلوم أن تحقيق أي تنمية اقتصادية مستقبلية يمر حتما عبر الاستثمار وتحقيق ظروف ملائمة لجذب رأس المال .. فما هي جهود القطاع لتوجيه الاستثمارات نحو فرص الاستثمار المتعددة، وماذا عن حلم جعل " موريتانيا أرض المليون فرصة استثمار" الذي أطلقتم منذ فترة؟
الوزير: إن تحقيق التنمية الاقتصادية كغيره من الأهداف التنموية الكبرى يبدأ دائما بالرؤية الصحيحة، وانطلاقا من الرؤية الثاقبة لفخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز، والتي تعمل حكومة معالي الوزير الأول المهندس يحي ولد حدمين على ترجمتها إلى توجهات استيراتيجية حاسمة، فإن التوجه الذي رسمته الدولة في هذا المجال يتمثل في أن يكون القطاع الخاص هو محرك النمو الاقتصادي، لذلك كان هذا التوجه محددا أساسيا لقطاعنا لدى صياغة الاستيراتيجية التنموية الجديدة للبلد: استيراتيجية النمو المتسارع والرفاه المشترك 2016-2030.
وسيؤدي تنفيذ هذه الاستيراتيجية إلى زيادة الدور المنوط بالقطاع الخاص في تطوير الاستثمارات الخصوصية من خلال ظهور شركات موريتانية أكثر تنافسية، وكذلك تحفيز الشركات الأجنبية على اختيار بلادنا لاستثماراتها المباشرة.
وفي معرض تشجيع الاستثمار، عندما نعبر عن موريتانيا بكونها بلاد المليون فرصة استثمار، فهي بالفعل كذلك، فبالإضافة إلى فرص الاستثمار التي يوفرها تثمين الثروات الاقتصادية الكبيرة والمتنوعة التي يزخر بها البلد، فإن هناك أيضا فرص الاستثمار التي يوفرها المورد الأكبر للبلد والمعين الذي لا ينضب، أعني الإنسان الموريتاني نفسه، بحبه لهذه الأرض وسعيه لإعمارها، إن لدينا مثلا أكثر من مليون شاب وشابة، يمثل كل منهم -بطموحاته وإبداعاته- مشروعا لرائد أعمال وأملا لإطلاق مشاريع استثمارية متعددة.
لذلك نحن نعمل باستمرار على تحسين مناخ الأعمال في بلادنا، لنسهل على كل رواد الأعمال بدء أنشطتهم التجارية ونوفر لهم الولوج إلى مختلف الخدمات التي يحتاجونها.
وقد عرف مناخ الأعمال في موريتانيا تحسنا مشهودا خلال الفترة الماضية، جاء ثمرة لإصلاحات متتالية قيم بها، حيث يثبت تصنيف ممارسة الأعمال (دوينغ بيزنس) Doing Businss الذي تشرف عليه مجموعة البنك الدولي تقدم بلادنا بخطوات ثابتة لتحسين نتائجها خلال السنوات الثلاثة الأخيرة.
وللنتائج التي تضمنها التقرير الجديد لهذا التصنيف الصادر في 31 أكتوبر الماضي دلالات خاصة لبلادنا، فمن حيث ترتيبها تقدمت بلادنا بعشر رتب هذه السنة مقابل ثماني رتب في التقرير الصادر قبل سنة، ومن حيث عدد الإصلاحات حققنا خمسة إصلاحات مقابل أربعة قبل ذلك، وهاتان النتيجتان توثقان تتالي الإصلاحات في مناخ الأعمال في بلادنا بوتيرة متسارعة. ومن ناحية أخرى فإن حصول موريتانيا على درجة قدرها 50,88% له دلالته الخاصة أيضا على تجاوز منتصف الطريق الذي سيقودنا إن شاء الله لتوفير مناخ أعمال يضاهي أحسن الممارسات العالمية في مجال اهتمامات هذا التصنيف.